بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط
الأمطار تتلاشى… دجلة والفرات يحتضران… والمنطقة كلها تتجه نحو جفاف مُطْبِق
لم يعد الحديث عن أزمة مناخية بل عن مصير جغرافي قد يتغيّر بالكامل.
العراق اليوم يعيش واحدة من أخطر اللحظات في تاريخه لحظة يتزامن فيها
• الانهيار المناخي
• والجفاف الإقليمي
• والانفجار السكاني
• وشيخوخة الموارد المائية في تركيا وإيران
• وانهيار نظام الأمطار ذاته
النتيجة ( مشهد يقترب من نقطة اللاعودة بحلول 2035 )
أولا
الاحتباس الحراري يرفع ( السماء الباردة ) … والسحاب يتوقف عن الولادة
صناعة المطر تحتاج إلى
تبخّر → صعود → طبقة باردة → تكثيف → مطر.
لكن ما يحدث اليوم أشبه بقطع ( سُلّم المطر )
هذا يعني ببساطة
البخار يصعد… ولا يجد برودة تكفي ليصبح غيماً … فيعود جفافًا فوق جفاف.
1. الطبقات الباردة ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة
نتيجة لارتفاع الحرارة تمدّدت الطبقات السفلية من الغلاف الجوي وأصبحت الطبقات الباردة أعلى بكثير مما كانت عليه قبل 20 سنة.
2. الهواء الحار مثقل بالبخار لكنه عاجز عن الصعود
يحمل رطوبة أكثر… لكن ارتفاع حرارته يجعله أثقل وأقل قدرة على الوصول لتلك الطبقة الباردة لكي يتكثف
3. تعطلت آلية المطر في العراق
لم تعد السحب تتكوّن بسهولة.
أصبحت الأمطار ظاهرة استثنائية نادرة مبعثرة ومركّزة على شكل سيول مفاجئة لا تُغني ولا تُسمن.
بمعنى آخر أن
نظام المطر الذي عاش عليه العراق آلاف السنين… ينهار أمام أعيننا.
ثانيا
تركيا وإيران تدخلان مرحلة ( شيخوخة المياه ) والخسارة عراقية
قد يعتقد البعض أن تركيا وإيران تمتلكان فائضاً مائياً لكن الحقيقة صادمة
1. تركيا : - خزانات ممتلئة… لكن السماء جافة
• الأناضول يفقد أمطاره تدريجياً .
• تراجع مخزون السدود في سنوات متتالية.
• تراجع الثلوج المتراكمة التي تُغذي دجلة.
• ازدياد الطلب المحلي مع نمو سكاني مضطرد.
تركيا تحاول إنقاذ مستقبلها المائي ولو بإفراغ مستقبل العراق.
2. إيران أسوأ حالاً : -
إيران دخلت مرحلة ( الهرم المائي ) — مياه قليلة + طلب مرتفع
وهذا يدفعها لتحويل الأنهر بالكامل وبناء سدود حتى على الأودية الصغيرة.
إيران لم تعد تمتلك مياهاً لتشاركها…
هي نفسها على حافة الجفاف لذلك سوف يتحمل العراق فاتورة بقائها.
3. شيخوخة الموارد المائية الإقليمية تعني شيئاً واحداً
الأنهار العابرة للحدود ستذبل وتختفي أولًا عند الدولة الأضعف ….
ثالثا
الداخل العراقي… سياسة ( الانتحار البيئي )
بينما يجفّ النهران العراق يدمّر رئته الخضراء بيده
1. التمدد السكاني العشوائي يلتهم الأراضي الخضراء
كل سنة تُقتل آلاف الدونمات من البساتين وتتحول إلى
• أحياء سكنية عشوائية
• مخازن و مصانع
• مناطق ترابية مكشوفة
لقد دمّر العراق ( رئته الخضراء ) والنتيجة
• غبار لا ينتهي
• حرارة أعلى
• رطوبة أقل
• انعدام تشكيل السحب
2. تناقص الغطاء النباتي وصل مرحلة الانهيار و لم يعد هناك توازن مناخي قادر على إنتاج المطر أساسًا.
رابعا
2035… عام الحقيقة المرّة
كل المؤشرات المناخية والهيدرولوجية والسكانية تشير إلى صورة قاتمة
1. جفاف دجلة والفرات بسبب
• السدود التركية ستعمل بأقصى تخزين ممكن مع تراجع أمطار الأناضول.
• إيران لن تستطيع اعادة أي من أنهارها.
• العراق سيعاني تبخراً أعلى بـ %40 على الأقل.
2. المناطق الزراعية في وسط وجنوب العراق تنهار بنسبة تفوق 70%
3.المياه الجوفية ستنضب بسبب السحب الجائر وغياب التغذية
5. بغداد والبصرة والنجف وكربلاء ستواجه درجات حرارة تتجاوز 55–60 م° في الصيف
في ظل انعدام البحيرات والأنهار التي كانت تخفف الحرارة
خامسا
…. ما القادم ؟؟
إن استمرت الأمور كما هي فإن العراق ذاهب إلى
• انهيار زراعي شامل
• تراجع الموارد المائية إلى مستويات تهدد الحياة
• تصحّر يصل إلى أبواب بغداد
• اختفاء مناطق كاملة من الخارطة الزراعية
• توقف نهائي لعدد من فروع دجلة والفرات
• مجتمع مُنهك… ومنطقة حضرية مكتظة فوق أرض بلا ماء
اهذا ليس مقالًا تشاؤمياً بل تحذيراً وجودياً اخير !!
العراق لا يواجه أزمة … بل يواجه موتاً مناخياً
والمعضلة الكبرى أن الجفاف الإقليمي في تركيا وإيران — وليس العراق فقط — يجعل أي حل سياسي أو تفاوضي شبه مستحيل.
إن لم تبدأ الدولة اليوم و فوراً بإجراءات كبرى… و حسب ما اشرنا اليك عشرات المرات منذ 2009
فإن 2035 لن يكون عاماً عادياً
بل سيكون العام الذي تتغير فيه حياة العراقيين إلى الأبد ؟؟
