بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط
بين التكهنات المطروحة والفرص المتاحة للجهد الوطني
تزداد الأسئلة المتداولة في الأوساط الاقتصادية والنفطية حول مستقبل شركة لوك أويل الروسية في العراق
بعد ما اشيع انها أعلنت القوة القاهرة في حقل غرب القرنة-2 على خلفية العقوبات الغربية التي طالتها.
من المهم التأكيد أن كل ما يُقال حتى الآن هو مجرد تكهّنات ولا يوجد أي إعلان رسمي بحقيقة الانسحاب أو الجهة التي يمكن أن تحل محل لوك أويل.
ومع ذلك فإن الضبابية المحيطة بموقف الشركة فتحت باب النقاش حول مستقبل العلاقة مع الشركات الأجنبية ودور العراق ذاته في إدارة حقوله بطريقة مختلفة وأكثر كفاءة.
أولًا: - حتى لو خرجت لوك أويل… التأثير ليس كارثياً كما يُتصوّر
قد يظن البعض أن خروج شركة أجنبية كبيرة سيشكل أزمة للعراق لكن الواقع الفني والاقتصادي يبيّن عكس ذلك وذلك لعدة أسباب: -
1. العراق محدد حصصاً بتصدير النفط
العراق اليوم مقيد ضمن اتفاقيات (أوبك+) ولا يستطيع التصدير إلا ضمن حصة معينة حتى وإن كانت لديه قدرة إنتاجية أعلى.
بمعنى آخر:
تعطّل جزء من الإنتاج لا يعني خسارة مباشرة طالما أن العراق أصلاً لا يُسمح له بتصدير كامل طاقته الإنتاجية.
2. العراق لديه قدرة على رفع التصدير لو رُفعت القيود
البلد يمتلك احتياطيات هائلة وحقولاً ضخمة جاهزة للزيادة ما يعني أن القدرة على التعويض متوفر بالكامل.
ثانيًا: - لماذا لا يكون البديل هو ( الجهد الوطني ) ؟
السؤال الجوهري اليوم ليس:-
من سيحل محل لوك أويل؟
بل:-
لماذا نبحث عن بديل أجنبي بينما العراق قادر على إدارة الحقول بجهده الوطني؟
الحقائق التاريخية تؤكد ذلك: -
- في الثمانينات كان العراق ينتج 3.5 مليون برميل يومياً .
- عدد الكوادر الفنية والهندسية آنذاك كان عُشر عدد الكوادر الحالية.
- العراق كان يعمل بتقنيات أبسط بكثير مما هو متاح اليوم.
فإذا كان العراق قادراً على تحقيق هذا الإنتاج الضخم قبل 40 عاماً بموارد أقل فكيف اليوم مع تضاعف الخبرات والمهارات والأدوات والتكنولوجيا؟
ثالثاً : - لماذا نستمرّ في جولات التراخيص رغم كلفها الهائلة؟
واحدة من أهم النقاط التي يجب أن تُطرح بوضوح أمام صنّاع القرار هي: -
الكلف المستردة في عقود التراخيص الأجنبية تصل إلى اضعاف كلفة الإنتاج بالجهد الوطني.
وهذا يعني أن العراق: -
- يدفع مبالغ ضخمة لتشغيل الشركات الأجنبية.
- بينما يمكنه تنفيذ نفس المهام وبكفاءة أعلى عبر الجهد الوطني وبكلف أقل بكثير.
فلماذا تتمسّك بعض الجهات بمبدأ ( شركات أجنبية أولاً ) بينما المنطق والاقتصاد والواقع يقول:
الجهد الوطني أقوى - أرخص - وأكثر حرصاً على ثروات البلاد؟
رابعاً : - الفرصة الذهبية… وليست الأزمة
حتى لو انسحبت لوك أويل فإن هذا ليس خسارة بل فرصة تاريخية للعراق: -
1. إعادة تقييم نموذج التراخيص.
2. تمكين الشركات الوطنية كشركة النفط الوطنية شركة الحفر العراقية وشركات الجنوب والوسط.
3. نقل التكنولوجيا للكوادر العراقية بدل الاعتماد على الشركات الأجنبية.
4. تحويل إدارة الحقول الكبرى إلى العراقيين بالكامل ضمن جدول زمني واضح.
خلاصة
المشهد الحالي حول لوك أويل ما يزال ضمن الإشاعات والتكهنات ولا يوجد إعلان رسمي بخروجها من العراق.
لكن سواء خرجت أو بقيت فإن السؤال الحقيقي الذي ينبغي طرحه هو: -
هل يحتاج العراق فعلًا لشركة أجنبية لإدارة حقوله؟
أم آن الأوان ليعود الجهد الوطني ليتصدر المشهد كما كان في أزهى فترات تاريخ العراق النفطي؟
العراق يمتلك كل شيء: -
الخبرة - الكوادر - التكنولوجيا - الإرادة - والحقول العملاقة.
وما يحتاجه فقط هو قرار بإعادة الثروة إلى يد أبنائها .
