كلكم أشرار
المظلوم ظالم مؤجل، والظالم وحش يفترس الجميع
هادي جلو مرعي
حتى الذين نصفهم بالمظلومين هم في معظمهم ظالمون، ولكنهم قيد التأجيل ينتظرون الفرصة السانحة ليستولوا على السلطة والمال والنفوذ، ويستعبدوا الحثالات الذين يتبعونهم كما السكارى في ليالي البرد في الشوارع المقفرة.
مايجري على الكوكب من صراعات لايوجد من الأدلة مايكفي لنقول إنه صراع الخير مع الشر، وكل المعطيات تؤكد إنه صراع الأشرار مع الأشرار.. فالديني يدعي العدالة والتمسك بقيم السماء، وماأن يحكم، أو يتحكم بشيء تجده سلطويا إقصائيا يرى الحق في الجانب الذي يتخذه ضاربا قول علي بن أبي طالب بعرض الحائط : إعرف الحق تعرف أهله.. وسيرد كثر بل نعرف الحق، ونعرف أهله.. وقد تعرفون الحق، وتبدون كأنكم أهله، ولكنكم حين تتحولون الى الراحة والدعة والهدوء والتمكين من الحكم تستعبدون سواكم حتى لكأنكم طيور جارحة في أعالي الجبال تترقب فريسة لتنقض عليها وبقسوة، وتنهش لتشبع غريزة الجوع. وفي الشارع أنتم قساة، فلاأحد يجرؤ على مخالفتكم، أو إبداء رأي لايلتقي وآرائكم التي تفرضونها على الناس، وتمنعونهم من أن يعبروا عن إنفعالاتهم بقسوة مفرطة.
ماذا فعلت الرإسمالية غير تحويل الإنسان الى آلة تدور من الصباح، حتى المساء، وحين تتعطل تلقى في مكان تجميع السكراب، وهاهي الرأسمالية العالمية تحرك أدواتها ودكتاتورياتها وأساطيلها، ولديها القدرة على دعم النازية في مكان، ومحاربتها في مكان، ودعم حكومات دينية في مكان، ومحاربتها في آخر ، ودعم حاكم دكتاتوري متجبر حين يلتقي ومصالحها هنا، وتحارب آخر حين يعارضها، وتجدها تدعم حكما ديمقراطيا تمثيليا هنا، وتتجبر على نظام ديمقراطي هناك، وهاهي تتلقى الإتهامات بالفاشية والإمبريالية المقيتة، وتدعم أقسى وأشر حكم مستند الى الخرافة في مايسمى دولة إسرائيل يقتل شعبا بأسره، بينما يموت الأطفال، ويجوعوا ويعطشوا ويتنقلوا من مخيم الى آخر تحوم على رؤوسهم تصريحات العرب وهتافاتهم وإدعية بعضهم بعبارة ( يارب خلصنا من الفلسطينيين وأنصر أخوتنا اليهود). ويتمنون لو تتحول فلسطين الى محل بقالة مكتوب على بابه: مغلق.
ماذا فعلت الشيوعية غير أن حولت الناس الى راغبين في الهروب الى الغرب بشتى الحيل، ثم إنهارت بطريقة مخزية، وتشرذمت دولها، وتغيب مفكروها ودعاتها عن الأنظار، ولم يظهروا ليشيعوا حضورهم وتأثيرهم ورغبتهم في إدارة الحياة، وبقيت بعض المسميات الشيوعية كأحزاب صغيرة لاتأثير لها، وتشبث بعضها باليسار الذي يهتف هنا لدكتاتور ، وهناك لثورة، وهنا لحزب دون أن يتضح مساره، وماذا يريد، وكأنه يبيع الهواء، ومن هم أهل اليسار، وماذا يريدون، وهل هم أحزاب، أم فكر حر طائر محلق في فضاء يمكن أن يحط منه في أي مكان يتلائم والأفكار التي لديه. واليساريون في العالم مثل ألوان الطيور لاحصر لهم ولاعد.
شغلونا بعناوين شتى. منحونا الجوع لنشبع، والعطش لنتروي، والتيه لنهتدي، والخوف لنأمن ، والشيء ونقيضه. هم يحكمون ويس