كتبت استبرق جودة _ ناشطة بحقوق الإنسان
اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة ومحاربة النساء في العراق
يمثل يوم 25 انطلاق حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة فرصة سنوية لتسليط الضوء على القضايا التي تواجه النساء حول العالم بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي والاجتماعي تأتي هذه المناسبة في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه النساء في العراق خاصة الناشطات اللاتي يدافعن عن حقوق المرأة ويمثلن صوتًا قويًا يطالب بالتغيير في مجتمع يُقيد حرياتهن بطرق مختلفة
العنف ضد المرأة أوجه متعددة وظاهرة عالمية
العنف ضد المرأة لا يقتصر على أشكاله التقليدية مثل العنف الأسري أو العنف الجسدي بل يمتد ليشمل العنف المؤسسي والاجتماعي حيث تواجه النساء محاولات مستمرة لتقييد حرياتهن والتضييق على أدوارهن في المجتمع
في العراق تتعرض الناشطات لأنماط جديدة من العنف تتمثل في حملات التشهير و التهديدات والتضييق القانوني وصولاً إلى الاعتقال كما حدث مؤخر مع الناشطة فاطمة الأسدي بمحافظة ذي قار
الاعتداء على الناشطات وجه آخر للعنف ضد المرأة في العراق في الأيام الماضية تعرضت احدى الناشطات للاعتقال من قبل الجهات الأمنية العراقية في ظروف غامضة ودون توضيح رسمي للأسباب حيث ان الناشطة فاطمة ليست مجرد ناشطة بل هي صوتٌ يمثل شريحة واسعة من النساء اللواتي يحاولن كسر قيود التقاليد البالية والظلم الاجتماعي حادثة اعتقالها تسلط الضوء على جانب مظلم من تعامل السلطات مع النساء حيث يتم استهدافهن بسبب نشاطهن السياسي او الاجتماعي في محاولة لإسكات أصواتهن وإبعادهن عن المجال العام
هذا التصرف لا يمكن فصله عن السياق العام للعنف الذي تواجهه النساء في العراق فبدلاً من حماية حقوقهن وتعزيز مشاركتهن في بناء المجتمع يتم التعامل معهن كتهديد ما يعكس وجود أزمة عميقة في التعامل مع حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص
وبمناسبة محاربة الناشطات العراقيات الذي يتزامن مع اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة نرى تصاعد الهجمات ضد النساء في العراق وهو ما يدعو للتساؤل عن جدوى الاحتفاء بالمناسبات العالمية إذا لم تُترجم إلى سياسات وإجراءات محلية تحمي المرأة فعليًا
منذ سنوات تعرضت ناشطات بارزات في العراق لاعتداءات جسدية ونفسية واغتيالات مثل ما حدث مع الناشطة رهام يعقوب وغيرها من الأصوات النسائية المؤثرة ومع تكرار هذه الحوادث يبدو أن الهدف ليس فقط قمع النساء كأفراد بل محاربة فكرة التغيير التي يحملنها وتفكيك الحركات النسوية التي بدأت تتبلور في المجتمع العراقي أوجه العنف ضد الناشطات في العراق كثيرة منها الاستهداف الأمني والقانوني
اعتقال الناشطات مثل فاطمة الأسدي دون توضيحات قانونية أو إجراءات شفافة استخدام قوانين غامضة لتهديد النساء المدافعات عن حقوق الإنسان من جانب اخر هناك العنف المجتمعي و حملات التشويه التي تستهدف النساء بشكل عام على وسائل التواصل الاجتماعي و نبذهن من المجتمع وإلصاق التهم بهن لتبرير الاعتداءات عليهن
ايضا التضييق المهني ومنع الناشطات من الوصول إلى المناصب القيادية أو ممارسة أدوارهن في المجتمع و حظر المبادرات التي تقودها النساء أو تقييد عملهن الميداني كما حدث في ماراثون البصرة ومنع النساء من المشاركة فيه
لكن وبرغم كل هذه التحديات تواصل النساء في العراق النضال من أجل حقوقهن مثلا اعتقال فاطمة الأسدي وغيرها من الحوادث الأخيرة اصبح من الواجب ان تكون هناك وقفة جادة للمجتمع الدولي والمحلي للوقوف بوجه هذه السياسات القمعية
إن النضال من أجل حقوق المرأة في العراق هو جزء لا يتجزأ من النضال من أجل العدالة الاجتماعية النساء لسن فقط ضحايا بل هن قائدات تغيير يدافعن عن مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا
حيث نوجه دعوة إلى العمل في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة يجب أن نتذكر أن حماية النساء ليست شعارًا يُرفع في المناسبات بل مسؤولية تتطلب التزامًا حقيقيًا من الحكومات والمجتمع المدني لذلك ندعو إلى حماية النساء عموما و الناشطات بشكل خاص من خلال سن قوانين تجرم استهدافهن وتوفير لهن بيئة آمنة لممارسة نشاطهن ومن اجل تحقيق هذا يتطلب تضامن مجتمعي لدعم النساء والوقوف معهن في مواجهة العنف والاضطهاد
إن محاربة العنف ضد المرأة يتطلب إرادة جماعية لإحداث تغيير حقيقي وفي العراق حيث تعاني النساء أوجه مختلفة من القمع و يمثل اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة فرصة لتذكير الجميع بأن النساء لسن أرقامًا في الإحصاءات بل هن شريكات أساسيات في بناء مستقبل العراق فلنكن صوتًا داعمًا للمرأة وكل النساء اللواتي يناضلن من أجل الحرية والكرامة
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي المنصة وإنما وجهة نظر الكاتبة