*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
العيد في الإسلام مناسبةٌ عظيمة تحمل معاني الفرح والسرور، لكنها ليست مجرد احتفالات خالية من القيم والمبادئ، بل ترتبط بالعطاء والتضامن مع الآخرين. واليوم، ونحن نستعد لاستقبال العيد، لا يمكن تجاهل المآسي التي يشهدها العالم، خاصة في غزة وسوريا، حيث يُقتل الأبرياء وتُدمر البيوت وتُشرد العائلات. فهل من المعقول أن نحتفل بينما هناك من يئن تحت وطأة الحرب والدمار؟
الإسلام دين توازن، لا يدعو إلى الحزن الدائم ولا إلى الفرح الذي يتجاهل معاناة الآخرين. فالعيد في جوهره فرصة للتراحم والتكافل، وليس فقط للبهجة الشخصية. عندما نحتفل بالعيد، لا يعني ذلك أننا نتجاهل آلام إخواننا، بل يمكن أن نجعل من هذه المناسبة وسيلة للتضامن معهم بالدعاء، والدعم المادي، ونشر الوعي بمعاناتهم.
إن الفرح بالعيد لا يعني الانفصال عن واقع الأمة، بل يمكن أن يكون دافعًا للعمل على التخفيف من آلام المظلومين. فكما قال النبي ﷺ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
و يمكن للمسلم أن يحتفل بالعيد ولكن بطريقة متزنة، بحيث لا تكون مظاهر الفرح منفصلة عن الشعور بالمسؤولية تجاه القضايا الإنسانية. يمكن أن يكون العيد فرصةً لتذكير الناس بمآسي إخوانهم، من خلال تخصيص جزء من الاحتفال لجمع التبرعات، وزيارة أسر الشهداء والمصابين، ونشر الوعي حول القضايا العادلة.
إن الاحتفال بالعيد لا يعني تجاهل المعاناة، بل يمكن أن يكون شكلًا من أشكال المقاومة ضد الظلم، إذ يُظهر المسلمون أن الأمل لا يزال حيًا، وأن التضامن مستمر. الفرح لا يعني عدم الاكتراث، بل يمكن أن يكون وسيلة لنشر الإيجابية وتحفيز الآخرين على المساعدة.
بدلًا من الانغماس في الاحتفالات دون تفكير، يمكن تحويل العيد إلى مناسبة لدعم أهل غزة وسوريا بطرق مختلفة منها:
●التبرع من خلال تخصيص جزء من أموال العيد لمساعدةالمحتاجين واللاجئين.
●الدعاء لهم في صلاة العيد وخطبه، يجب تذكير الناس بالدعاء لهم، فالدعاء سلاح المؤمن.
●نشر الوعي من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات عن معاناة الشعوب المظلومة.
●تقديم المساعدات العينية مثل إرسال الملابس والطعام والمستلزمات الضرورية لمن يحتاجونها.
●مساندة الحملات الإنسانية ودعم الجمعيات التي تعمل على مساعدة المتضررين وإعادة الإعمار.
وفي الختام الاحتفال بالعيد لا يتعارض مع الحزن على الضحايا، لكنه يجب أن يكون احتفالًا مسؤولًا يحمل معاني التضامن والإحساس بالآخرين. لا بأس أن نفرح، ولكن ليس بفرحٍ يُنسي معاناة إخواننا في غزة وسوريا. بل يجب أن يكون العيد مناسبة لتجديد العهد بأننا معهم، بالدعاء والعمل والمساعدة، لأن المسلم الحقيقي هو من يشعر بآلام أمته، ويسعى لتخفيفها قدر استطاعته.