بقلم / محمد عبدالرضا الخزاعي
مؤسفة هي احداث السليمانية التي جاءت لتؤكد حقيقة هشاشة الوضع الأمني وإمكانية تفجّر الأوضاع في هذه المحافظة أو غيرها دون سابق إنذار او مقدمات رغم الإستقرار النسبي والظاهري الذي تنعم به .
الّا انّ ما يلفت النظر وهذا بيت القصيد هو طريقة تعامل الإعلام بمختلف مسمياته مع هذه الإحداث فبينما نجده اي الاعلام حاضراّ حتى في صغائر الأمور في المحافظات الوسطى والجنوبية عدا عن نفخه فيها وجعلها مادة دسمة ورئيسية للتعاطي والبحث والتحليل والاستنتاج عبر برامج ونشرات اخبارية تتصدرها عناوين مثيرة بارزة وهذا يشمل جزء كبير من الاعلام العراقي وغالبية الإعلام العربي سيما القنوات الفضائية المعروفة بامكانياتها الفنية والمادية العالية وكان آخرها قضية الطبية المرحومة بان زياد ، اقول نجد ان هذا الاعلام غائباً عن اماكن ومحافظات اخرى في العراق ومنها محافظتنا العزيزة السليمانية على الرغم من خطورة ما جرى فيها والضحايا الذين سقطوا بسببها وتهديدها الأمن المجتمعي والوطني برمته الُا ان ذلك لم يكن سيباً كافياً لتسليط الضوء ولو من بعيد حفاظاً على ما تبقى من مصداقية وانطلاقا مما تحتمه المسؤولية الاعلامية فقط لاغير !
لاًاريد الخوض في اسباب ذلك فهي صارت معروفة حتى للمواطن البسيط ولكن ما يهمني هو التساؤل الذي يدور في مخيلتي والكثيرين ممن خبروا المجال الاعلامي وابحروا فيه سنين طوال في عمّن يدير البوصلة الاعلامية ومن ثم بوصلة الرأي العام ومقدار خطورة ذلك على الوحدة الوطنية والاستقرار المجتمعي وبعد ذلك من يتحمّل مسؤولية خسارتنا هذا الفضاء الاعلامي الواسع على الرغم من كثرة وسائل الاعلام ومنها قنواته الفضائية الرسمية والحزبية التي تلهج ليل نهار بالحكومة وانجازاتها دون ان تستطع ان تحجز لها مكاناً مؤثراً تأثيرا محسوساً وحقيقياً الًا ما ندر على خارطة الاعلام الكبيرة والواسعة ؟
انّ من يتحمّل المسؤولية في كلّ ذلك هو المسؤول سوى أكان مسؤولاً حزبياً او حكومياً رئيساً لحكومة أو وزيراً لوزارة او رئيساً لحزب او كيان سياسي الذين تعاملوا مع الإعلام بمنظور الصورة والعنوان دون المضمون والهدف والغاية من غير تفريق او تمييز بين الاعلام الحقيقي المؤثر والهادف والإعلان المجرد سواء اكان لشخص او حزب او حتى قبيلة ؟
كما أنّ الواسطة والمحسوبية والمجاملة في تعيين اشخاص اقلّ ما يقال عنهم انهم غير مؤهلين ولا يمتّون بصلة من قريب او بعيد لمسمى اعلامً وتسميتهم بسبب صلة قرابة او نسب او غيرها لترؤس مؤسسات اعلامية محترمة وفّرت لها اسباب نجاحها الفنية والمادية الّا ما يتعلق منه بالادارة هو ما زاد الطين بلّة على بلّة ما ادّى الى فشل هذه المؤسسات وتقوقعها على نفسها ولينحسر متابعوها بعد ان تحوّلت الى ما يشبه ابواق تمجيد وتعظيم لهذا المسؤول او ذاك الحزب ؟
والسبب الآخر في هذا الفقر الاعلامي الذي صرنا فيه هو عدم استشعار المسؤولين لأهمية الاعلام ودوره خاصة بعد هذا التطور التكنلوجي غير المسبوق الذي جعل العالم بالفعل قرية صغيرة تنتقل فيها المعلومة من قارة الى قارة بأجزاء صغيرة من الثانية دون ان يكون لنا وللأسف الشديد نصيبا من الاستفادة منه في نقل حقائق ما شوّهه الآخر لذلك صار من المألوف للزائر الذي يزور العراق اوّل مرة ان يعبّر عن دهشته مما يراه في محافظاتنا وبلدنا من امن وآمان ومشاريع كبرى انجزت واخرى في طور الانجاز وحركة عمران مستمرة ربما تفوق الكثير من البلدان المجاورة دون ان تنجح كل فضائياتنا ووسائل اعلامنا من عكس هذه الصورة على الرغم من كلّ ما وفّر لها من امكانيات سواء اكانت فنية او مادية عدا جانب الادارة للأسف الشديد!
خلاصة القول هو ان تكون لنا الجرأة في تسمية الشخص المناسب لإدارة المكان المناسب بعيدا عن اي منظور حزبي او جهوي مع اعطاء هذا الشخص جميع الصلاحيات المطلوبة والضرورية لنجاحه واهم شيء هو عدم التدخّل بعمله لا من ابن المسؤول ولا افراد حمايته ولا تستغربوا ذلك فهو صار واقع حال عند الكثير من المسؤولين ذلك حتى نستطيع ان ندير بوصلة الاعلام كما يفعل الآخر سواء اكان قريبا او بعيداً وحتى يتغيّر الواقع الذي صرنا فيه مجرد اداة وبوصلة يتحكم بها الآخرون عبر اعلامهم الموجّه والمرتبط باجندات خارجية مشبوهة ؟
اقول نحتاج من ذوي الشأن الى هذه الجرأة والى هذا القرار قبل فوات الاوان.