بقلم : الفريق الدكتور
سعد معن الموسوي
رئيس خلية الاعلام الامني
إنَّ الأمن ليس مهمةً محصورةً في مؤسسات الدولة الأمنية فحسب، بل هو مسؤولية وطنية وأخلاقية تقع على عاتق كل فرد في هذا الوطن، من المواطن البسيط إلى أعلى مستويات القيادة. ومثلما نحمي حدود الوطن من التهديدات الخارجية ونسعى إلى درء الخطر عنه ، علينا أن نحمي نسيجه الداخلي من كل محاولات التمزيق، التي تتخذ من الفتن الطائفية، والعرقية، والمناطقية أدواتٍ لها فهي جريمة لا تقل خطورة عن جريمة الاعتداء الخارجي
لقد أكد دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني في أكثر من مناسبة، وآخرها دعوته الصريحة للتصدي لكل من يزرع الفتن ويثير الأحقاد بين أبناء الشعب العراقي، على أهمية الحفاظ على السلم المجتمعي وتعزيز الاستقرار الأمني. وهي دعوة وطنية خالصة، تستند إلى رؤية حكومية مسؤولة تعتبر أن الأمن لا يُبنى بالقوة فقط، بل بالحكمة، والعدالة، وبثّ روح التكاتف بين المواطنين.
نحن نواجه اليوم تحديات لا تقل خطورة عن الإرهاب التقليدي، متمثلةً في الحرب النفسية والإعلامية التي تستهدف العقول والقلوب، وتغذي الانقسام، وتنشر الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع المشبوهة، وبعض المنابر التي انحرفت عن دورها.
مَن يروّج للفتنة، ويثير الكراهية، لا يقل خطرًا عمن يحمل السلاح غير القانوني، فكلاهما يسعى إلى تقويض أمن المجتمع واستقراره.
إنّ حفظ الأمن هو منظومة متكاملة، تبدأ من البيت، والمدرسة، والشارع، والمسجد، والكنيسة، وتنتهي عند رجل الأمن. وعلينا أن نعي جميعًا أن الانتماء الحقيقي للعراق لا يُقاس بالشعارات، بل بالفعل، بالسلوك، بالمواقف التي تحمي وحدة الوطن، وتصون كرامة المواطن، وتجرّم التحريض بكل أشكاله انطلاقا من نهجنا الأخلاقي الذي يجب ان يكون حاضرا في كل موقف ما يدعونا إلى تغليب مصلحة العراق العليا على المصالح الفئوية الضيقة التي لا تجدي نفعا إلا على أصحابها من المنتفعين والوصوليين وهؤلاء بالتاكيد لا يمثلون شعبنا الكريم .
من هذا المنطلق، تعمل الأجهزة الأمنية بمختلف صنوفها على رصد وملاحقة كل من يحاول تهديد السلم الأهلي أو بثّ خطابات الكراهية والتحريض. ولكننا نُدرك أن الجهد الأمني وحده لا يكفي، ما لم يكن هناك وعيٌ مجتمعي، وتعاونٌ شعبي، وثقافة تُعلي من شأن التعايش والتسامح.
رسالتنا واضحة فلا مكان للفتنة بيننا، ولا حياد في المعركة ضد مروّجي الكراهية. فإما أن نكون صفًا واحدًا لحماية وطننا، أو نترك المجال مفتوحًا لمن يتربص بنا من الداخل والخارج.
ودعوة إلى وسائل الإعلام، والناشطين، والمثقفين، ورجال الدين، والمعلمين، وكل أصحاب التأثير، أن يجعلوا من صوت الحكمة والعقل هو الأعلى، ومن خطاب الوحدة هو الأقوى. فالعراق يستحق أن نرتقي بخطابنا، وننتصر لإنسانيته، ونحفظ أجياله من شرور التحريض والانقسام.
معًا… نكتب مستقبلًا آمنًا لأبنائنا، خاليًا من الكراهية، ومحصنًا ضد الفتن.