JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
BASRAH WEATHER
Home

العقلانية السياسية والضمانة الوطنية


 د. صلاح الدليمي . 

يعيش المشهد السياسي العراقي مرحلة تتطلب الانتقال من "سياسة الأزمات" إلى "سياسة الحلول". ومن هذا المنطلق، يبرز السيد مثنى السامرائي كشخصية اتصفت بالرصانة والهدوء، مما جعل الالتفاف حوله يتجاوز الأطر الحزبية الضيقة إلى فضاء الإجماع الوطني. وتستند هذه المقبولية إلى مرتكزات جوهرية:

1. الواقعية السياسية ورفض "الانفراد"

لقد أثبت السامرائي خلال الدورة الانتخابية الماضية، وتحديداً إبان أزمة "التحالف الثلاثي"، أنه يمتلك رؤية بعيدة المدى. فحينما رفض منهج الانقلاب على التوافقية السياسية بشكل منفرد، لم يكن ذلك مجرد موقف حزبي، بل كان صمام أمان منع انزلاق البلاد نحو صدام أهلي أو انسداد سياسي شامل. هذا الإصرار على "الإجماع الوطني" كرّسه كرجل دولة يضع مصلحة النظام العام فوق المكاسب الفئوية العابرة.

2. هندسة العلاقات والتحالفات العابرة للمكونات

يتميز السامرائي بقدرة فائقة على بناء الجسور ونسج التحالفات الهادئة. هو من الشخصيات القلائل التي تجيد لغة الحوار مع الجميع (الإطار التنسيقي، الكتل الكردية، والقوى السنية الأخرى) دون إثارة حساسيات. هذه "الكياسة السياسية" جعلته محل احترام وتقدير، كونه شخصية "مجمّعة" لا "مفرقة"، وهو ما يحتاجه منصب رئاسة البرلمان لإدارة التنوع داخل القبة التشريعية.

3. الخطاب المترفع والالتزام الأخلاقي

في بيئة سياسية قد تشوبها أحياناً اللغة الشعبوية، حافظ السامرائي على خطاب سياسي هادئ ورصين. يتجلى هذا الالتزام في:

 * الترفع عن الابتزاز: ينتهج سلوكاً يشبه "اليمين المحافظ" في رصانته، خاصة في المواسم الانتخابية، حيث يبتعد عن أساليب شراء الذمم أو الابتزاز السياسي.

 * عفة اللسان السياسي: تجنب الخوض في الصراعات الجانبية أو استخدام لغة التصعيد، مما منحه هيبة رجل الدولة.

4. القدرة على تفعيل العمل المؤسسي والرقابي

تكمن قوة السامرائي في قدرته على تفعيل مجلس النواب من خلال الدفع بالقوانين المعطلة وتنشيط اللجان الرقابية، مما يساهم مباشرة في تطوير أداء الحكومة. وهو يسعى في رؤيته القيادية إلى حماية البرلمان من التحول إلى منصة سياسية لضرب الخصوم أو تعطيل التشريعات والمساومة عليها، مؤكداً على قدسية الدور التشريعي بعيداً عن المناكفات السياسية الضيقة.

5. تفعيل المجلس السياسي الوطني كإطار جامع

يتبنى السامرائي رؤية تنظيمية متقدمة تهدف إلى تفعيل المجلس السياسي الوطني ليكون الممثل الشرعي للكتل السياسية العربية السنية، مشكلاً إطاراً سياسياً موحداً يعزز دورهم في الدولة. ويسعى من خلال هذا المجلس إلى بناء شراكات حقيقية مع كل أطياف المجتمع السني ودمجهم في العملية السياسية، بما يضمن عدم الانفراد بالقرار وتغليب المصلحة العامة للمكون والوطن على المصالح الحزبية.

6. حماية استحقاقات المكون والعمل الجماعي

رغم انفتاحه الوطني، يظل السامرائي ثابتاً في الدفاع عن حقوق جمهوره ومكونه، لكن دون "مزايدة" أو متاجرة بالشعارات. فهو يؤمن بأن حقوق المكون تُنتزع عبر المفاوضات المباشرة والشراكة الوطنية الرصينة لا عبر الصدام، معتبراً أن نجاح المكون هو جزء لا يتجزأ من نجاح العراق واستقراره.

الخلاصة: مفتاح الحل للمرحلة القادمة

إن تولي شخصية مثل مثنى السامرائي رئاسة البرلمان يعني تفعيل الدور الرقابي والتشريعي للمجلس بعيداً عن الصراعات الشخصية. فهو يمتلك "مفاتيح الحل" للمشاكل العالقة، وقدرة على إدارة التوازنات بمرونة وحزم في آن واحد. إن الإجماع الوطني حوله ليس مجرد اتفاق سياسي، بل هو إدراك لحاجة العراق إلى قيادة برلمانية تتسم بالاتزان، والقدرة على تحقيق الحقوق عبر "فن الممكن" والالتزام بالثوابت الأخلاقية.

NameEmailMessage