جمعه الحمداني..
في ذاكرة التأريخ يقف العراق كبلد مثقل بالمحطات الكبرى التي شكّلت ملامحه السياسية والاجتماعية والإنسانية منذ فجر الحضارات..
وحتى يومنا هذا فهو أرض السومريين والبابليين ومهد الكتابة والقانون..
لكنه في الوقت ذاته ساحة مفتوحة للصراعات والتحولات العنيفة ..
التي تركت آثارا عميقة في وعي شعبه ومسار دولته عبر القرون..
مرّ العراق بمحطات احتلال وغزو متعاقبة منذ العصور القديمة ..
ثم العهد العثماني الذي رسّخ تركة إدارية هشّة تلتها مرحلة الانتداب وبناء الدولة الحديثة وسط صراعات الهوية والسلطة ومع قيام النظام الجمهوري..
دخل البلد في دوامة الانقلابات السياسية وعدم الاستقرار..
ما مهّد لعقود من الحكم الشمولي والحروب التي استنزفت الإنسان والموارد وعمّقت الفجوة بين الدولة والمجتمع..
شكّلت الحروب الإقليمية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ..
واحدة من أقسى المحطات في ذاكرة العراقيين إذ خلّفت دمارا واسعا وحصارا خانقا أنهك المجتمع..
وغيّر أنماط الحياة ورسّخ ثقافة الخوف والعوز ثم جاء عام التغيير..
ليحمل معه أملا كبيرا سرعان ما اصطدم بواقع الانقسام الطائفي.
والتدخلات الخارجية وضعف مؤسسات الدولة وانتشار الفساد ما أدخل البلاد في مرحلة جديدة من العنف والفوضى.
لم تتوقف معاناة العراق عند حدود الصراع السياسي بل امتدت إلى مشاكل اجتماعية عميقة مثل تفكك النسيج المجتمعي وتراجع القيم وازدياد النزاعات العشائرية وتدهور الخدمات الأساسية وارتفاع نسب البطالة والفقر..
رغم الثروات الهائلة التي يمتلكها البلد.
كما كان للإرهاب صفحة سوداء أخرى في ذاكرة التأريخ .
حيث دفع العراقيون ثمنا باهظا من دمائهم وأمنهم واستقرارهم.
ورغم كل تلك المحطات المؤلمة بقي العراق صامدا بفضل وعي شعبه وقدرته على التكيّف والمقاومة.
فالتأريخ العراقي ليس فقط سجلّ أزمات.
بل هو أيضا حكاية نهوض متكرر وإرادة حياة تتجدد في كل مرحلة .
ويبقى التحدي الأكبر اليوم هو تحويل دروس الماضي إلى وعي وطني جامع يؤسس لدولة عادلة .
قادرة على حماية مواطنيها وصون سيادتها وفتح صفحة جديدة في ذاكرة التأريخ عنوانها الاستقرار والبناء لا الأزمات والانكسارات..
فهل سيعود العراق قادرأ على بناء ذاته ومستقبله في ضل التحديات ولازمات.
كي يصل الى شاطئ الامان ليفتح ابواب موصده تشع تورأ بعد غياب طويل
