JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
BASRAH WEATHER
الصفحة الرئيسية

القرآن … قراءة فلسفية


 بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط 

في الفلسفة الدينية تبرز فكرة محورية تقول ( المعجزة ليست حدثاً جامداً وقع في الماضي بل كائن مستمرّ الفعل ). 

من هذا المنطلق يمكن النظر إلى القرآن بوصفه ( حي ) ليس بالمعنى المادي بل بمعنى الحضور الوجودي الذي يتجاوز الزمن ويتفاعل مع الإنسان في كل عصر كما لو كان يخاطبه لأول مرة.


1. حين تتحول الكلمة إلى حياة

الكلمة عادةً شيء جامد تُقرأ مرة ثم تُنسى أما الكلمة القرآنية فهي تنبض و تتفاعل مع الوعي الإنساني.

كلما اقترب الإنسان منها تغيرت وكلما تغير هو تغيّرت معه فتُظهر وجهاً جديداً من معناها لم يكن ظاهراً من قبل.

هذا الطابع الحيوي هو ما جعل مفكري الإسلام يقولون ( القرآن لا يُستنفد ) 

لا أحد يستطيع أن يقول إنه وصل إلى آخر معنى لأن المعنى نفسه يتوالد و يتحدد مع وعي الانسان 


2. الحيّ يتفاعل… والقرآن كذلك

في الطبيعة الكائن الحي يستجيب للبيئة

إذا اشتدّ الحرّ يعرق.

إذا اشتدّ البرد يرتجف.

إذا تغير المكان تتغير سلوكياته.

وبالقياس الفلسفي القرآن أيضاً يفعل ذلك على مستوى الوعي الإنساني

يتغير فهمنا له مع تغيّر الزمان والمكان لا ليحل محل القديم بل ليكمله.

لهذا استطاع القرآن معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية في العصور الأولى ثم عاد ليقدّم اليوم حلولاً لمشكلات معاصرة كلٌّ بحسب حاله.


3. المعجزة ليست في النص… بل في ( حياة النص ) 

المعجزة ليست أن القرآن محفوظ حرفاً فقط بل أن هذا الحرف ينتج معاني جديدة باستمرار دون أن يتغير.

وهذه خاصية لا توجد في أي نص بشري.

النص البشري يموت بموت مؤلفه، أما القرآن فكل جيل يعيد اكتشافه لأنه يحيا بوجود مؤلفه الدائم.

وهذا الحضور المستمر هو ما يجعل القرآن معجزة يعيشها كل جيل، لا مجرد قصة تُقرأ.


4. الاستجابة الآنية للأزمات

عندما تقع أزمة اجتماعية او سياسية او روحية أو حتى فردية يعود الوعي إلى القرآن ليجد أنه يردّ عليه فوراً. 

الخائف يجد فيه الطمأنينة. 

المظلوم يجد فيه ميزان العدل.

الباحث عن الحرية يجد فيه تحريرًا للروح.

الأمة في الفتنة تجد فيه خارطة للخروج.

هذه الاستجابة ليست صدفة، بل لأن القرآن يسمع نبض الإنسان ويرد بما يحتاجه. 


5. القرآن… وحدة زمنية مفتوحة

القرآن مفتوح على كل الأزمنة ( الماضي والحاضر والمستقبل ) في آنٍ واحد.

يتخطى التحولات الحضارية ويعيد تشكيل المعنى كلما تغيّر الإنسان وحضارته.



خلاصة فلسفية

إذا كان القرآن معجزة الإسلام الكبرى فإن إعجازه لا يكمن فقط في لغته أو بلاغته بل في كونه يتفاعل مع الإنسان والزمن.

و هو قادر على معالجة أزماتنا الآن بالطريقة ذاتها التي عالج بها أزمات الماضي. 

لا لأنه يتغير بل لأن وعينا نحن يتغير وهو يتعامل معنا كما نحن لا كما كنا.

الاسمبريد إلكترونيرسالة