إصبع على الجرح ..
بقلم : منهل عبد الأمير المرشدي ..
بالتزامن مع توارد الأخبار عن قبول الفصائل المسلحة في المقاومة الإنضواء تحت لواء القوات المسلحة تحت راية الدولة ثمة معلومات يروّجها التشارنة وازلام البعث المقبور عبر وسائل التواصل والقنوات الفضائية بلسان حال الشامتين والحاقدين والمنافقين من إن البلاد واقعة تحت تهديد العدوان الصهيوأمريكي في حال لم تلبى الطلبات الأمريكية بخصوص الفصائل المسلحة والحشد الشعبي فيما يتراوح رد الفعل الحكومي عليها ما بين التجاهل والنفي وعدم الشفافية من دون ان ننسى ما يشاع بإن تلبية الحكومة والفصائل للشروط الأمريكية المعلنة جاء خشية من الضغوط الأمريكية التي ستعرض البلاد في حال عدم تنفيذها الى العقوبات الإقتصادية اضافة الى العدوان العسكري . ما تأملناه ان يكون رد الفعل من الحكومة والفصائل موضوعيا هادئا معلنا محاط بالدقة والخطوات الإستراتيجية التي تحفظ هيبة الدولة وسيادتها من دون أن تتجاهل دعوة المرجعية الدينية العليا لحصر السلاح بيد الدولة مع عدم المساس بالحشد الشعبي بإعتباره الضامن والمضمون لبقاء الدولة بالتجربة والبرهان فضلا عن كونه خاضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة بعيدا عن السقوط إلى هاوية التنازل والانبطاح الذي سيغدو أشبه بالتسلل البطيئ كالماء حين ينخر الصخر . واهم متوهم كل مَن يصدق أو يظن أن الانحناء حنكة وأن التراجع فطنة . واهم متوهم كل من يعتقد أن النجاة المؤقتة انتصار ومصافحة الخوف ومنحناه مفاتيح القرار فالكرامة لا تستبدل براية بيضاء والضحك على الذقون والإنضواء تحت قطيع المطبعين . نعم هناك عصا الطاغوت ترامب ووحشية بني صهيون لكن الموقف الصحيح المستمد من صرخة الحسين عليه السلام بوجه الباطل رغم اختلال المعادلة المادية عدّة وعددا فهيهات منا الذلة هو موقف الكبرياء والخلود والفوز الكبير . على الحكومة والإطار ان لا تبالي بأصوات الجبناء والهمج الرعاع وأن يكون لها موقف يليق بنا تأريخا وحاضرا وما وعد الله في ربوعنا أملا ومنقذا لكل مظلوم . مهادنة الشيطان تعني السقوط وماذا بعد السقوط ؟ سؤال لا يُطرح في المناظرات ولا يُجاب عليه في البيانات بل يولد في العيون المنكسرة وفي صدورٍ ضاقت حتى اختنقت وفي وطن صار يتعرف إلى نفسه في مرايا الآخرين . بعد السقوط ستصبح اللغة مهادنة والحق مؤجلا والباطل وجهة نظر . حتى الهزيمة والخسارة فالخسارة تغدو مرحلة والهزيمة إعادة تموضع وتغدو الكارثة مشروع صبر طويل بلا نهاية معلومة. بعد السقوط في هاوية الإنبطاح سنعتاد المشهد ونألف الانكسار كما يُؤلف الجرح المفتوح . نتعايش مع الذل حتى يعود مألوفا . لا يعود النزف يوقظنا . ماذا بعد هاوية الانبطاح ؟ إدمان على الإقامة الدائمة في القاع تحت طائلة الجبناء والمطبعين بإن الواقع يفرض نفسه وإن القوة ليست في المواجهة بل بإكذوبة السلام تحت قناعة الاستسلام . عذرا لكل من يستحق العذر فقد صرنا نُدار بالخوف ونُقاد بالترهيب الناعم ونغفو بخطابٍ بارد . نؤجل الغضب حتى يشيخ ونؤجل الكلمة حتى تموت في الحلق وكأن الشرفاء وأصحاب الحق يعانون الغربة في نفوسهم رغم كثرتهم ووحشة الطريق رغم امتلاكهم كل مصابيح البصيرة . نحن وطن لم يكتب لنا ان نعيش راكعين للعدو وشعب لم يُخلق ليكون حاشية في تاريخ غيره ؟ وطن الأنبياء والأولياء والحرف الأول والقانون الأول في الأرض والوعد الموعود . لا يليق بنا السقوط فما بعد السقوط لحظة فاصلة سنفقد فيها حتى أسماءنا وسبات طويل تروى فيه الحكاية عن شعبٍ كان هنا ثم اختفى وحضارات تلاشت وما بين هذا وذاك يقف السؤال عاريا
بلا زينة ولا أقنعة هل نريد الحياة كما نستحقها ؟ فبعض السقوط درس وبعضه نهاية والفارق بينهما قرار…
