بقلم / إنعام العطيوي
بعد انتشار ظاهرة الرواحانيين في المجتمع وتفاقم اعمالهم باسم تحقيق المعجزات ورفع العوارض واغراء زبائنهم من كلا الجنسين لتحقيق احلامهم بأساليب جذب مغرية تصل حد الانتشار في المجتمعات وخصوصاً الفقيرة، وكذلك تعدى الحال الى انتشار مواقع الكترونية مدفوعة الثمن تعرض خدماتها الروحانية بشكل علني ودون حجب او رقابة قانونية، وتزايدت اعمال هذه الظاهرة تحت مسميات عدة
منها ( المعالج الروحاني، والسيد، والشيخ، والسحار، ومعالج بالطاقة، والمشعوذ، والبصار، وقاريء الحظ، والتاروت ...الخ ) ومسميات عديدة كلاً حسب بيئتهِ المجتمعية التي يعيش فيها، ومع اختلاف كل التسميات حسب البيئات إلا ان عملهم ينصب في مجال واحد وهو ايهام الناس بقدرتهم على التواصل مع العالم الغير مرئي واستطاعتهم على التأثير على الاحداث في الواقع وتحسينها وفق رغبات الزبون.
وكل تلك الاعمال لا تتم الا بتطبيق طلبات الروحاني التي تكون اما مادية بالدرجة الاساس، وثانياً مصحوبة باستغلال جسدي او جنسي وتتعدى هذه الطلبات الى استغلال الاطفال والمراهقين في عمال والشعوذة، وزنا المحارم مع الاطفال والاستعباد والعمالة للاطفال والاستغلال الجسدي والنفسي لهم او تعذيبهم وتجويعهم للحصول على قطع من اجزاء جسدهم او استأصال كمية من دمهم.
وانشطة مختلفة تهدد الامن الانساني للاطفال وتؤثر سلباً على حياتهم الصحية والنفسية والاخلاقية والغذائية بل وقد تتعداه الى فقدان حياتهم عبر قتلهم وتقطيع اجسادهم وفي بعض الاحيان في حالات نادرة لإسقاط الاجنة للنساء الحوامل، كل هذه الجرائم تكون تنفيذاً لأحكام الروحاني من اجل اثبات السحر المطلوب لتحقيق الطلب.
وان اغلب هذه الممارسات الغير اخلاقية والغير انسانية تستند على اعتقاد ان الاطفال يعدون وسيلة مهمة للحصول على القوى الروحانية الخارقة وعلى دماء نقية تحقق الاهداف المنشودة بشكل سريع، وقد يجد القاريء ان هذا الموضوع هو محض من الخيال الواسع للكاتب غير انه بدء ينتشر بشكل مسكوت عنه في الاوساط المجتمعية خشية من نظرة المجتمع او خوفاً من الاعمال الروحانية للمشعوذ فسيطرت الاوهام على ان هذا المشعوذ له القدرة للتحاور مع الشياطين لايذاء أي شخص يفشي اسراره (وخصوصاً في المجتمعات التي تمتاز بكثرة الجهل وانتشار الفقر)، لكن بعد حادثة القاء القبض على السيدة التي مارست الفحشاء مع طفلها البالغ من العمر عشرة اعوام ارضاءً للروحاني ونشر عبر وسائل الاعلام بات حرياً اتخاذ اجراء حازم من السلطات المعنية باتخاذ قانون رادع للحد من انتشار الروحانيين في المجتمع وبكل اشكالهم حفاظاً على النسيج المجتمعي للأسر،
اسوةً بقرار لجنة المحتوى الهابط والتي ادت الى انسحاب عدد كبير من منشيء المحتوى الخادش للحياء وتوقف عدد كبير من المواقع الضارة بالمجتمع.
ونحن اليوم بصدد محاربة ظاهرة قبل ان تتفاقم وؤدها من جذورها قبل انتشارها واستشراء اضرارها، حفاظاً على الامن المجتمعي من الانهيار فأطفال اليوم هم جيل المستقبل غداً، فتخيل كيف سيكون المجتمع بعد عشرين عاماً اذا كبر فيه اطفال تعرضوا لتجربة كونهم ضحاية لاعمال الروحانيين.
وهنا يأتي دور المثقفون والمهتمون بالشأن الأمني والتنمية المجتمعية لإنقاذ المجتمع من السقوط فريسة التغيرات المجتمعية وتسارع الانتشار لحالات ضارة وعدم التهاون ببساطتها والسكوت عنها مثل انتشار في الآونة الاخيرة حالات خطف الاطفال وقتلهم من قبل النساء، اذ باتت هذه ظاهرة يفجع بها المجتمع بين الحين والآخر، دون ايجاد تفسير منطقي لقتل الطفل وتقطيعة او الاعتداء عليه جسدياً او جنسياً وقد تسجل اغلب الحالات تحت تعاطي مذهبات العقول لحين اعتراف احدى السيدات وهذا لا يعني ان نشر هذه الحادثة من الظواهر الإيجابية بل بالعكس ان توخي المختصين بمجال الاعلام من نشر هذه الظواهر يعد بمثابة سلاح ذو حدين الأول الاشادة بقوة القانون لالقاء القبض على الجناة والثاني نشره يوقض انتباه الجمهور لهذا الاحداث فيوعزها دون شعور بالتحفيز وممارستها من قبل ضعاف النفوس.
لذى لا بد من توجيه النظر لتفعيل دور القوات الامنية لاتخاذ القرارات الرادعة ضد انتشار الرواحنيين وتجريم عملهم سواء كان على ارض الواقع او حظرها عبر المواقع الإلكترونية، وهنا لا بد من الاشارة الى الجهات المختصة في مجال الاعلام والاتصالات لتفعيل دورهم بالحد من انتشار هذا المحتوى سواء كان في المواقع الإلكترونية او ظهورها كبرامج في بعض القنوات التلفزيونية والتي تسعى لكسب أكبر عدد من المشاهدات بعرض برامج تُعنى بالتنجيم والشعوذة وقراءة التاروت والغيبيات وما إلى ذلك كثير دون الاكتراث بمدى تدمير هذا المحتوى لاخلاقيات المجتمع واحداث الخلل في أمنه المجتمعي .