جمعه الحمداني..
في كل صباح..
هادئ، حين يسكن الضجيج وتخفت الأصوات.. يبدأ الكاتب في ثرثرته الخاصة..
ثرثرة لا يسمعها أحد ...
لكنها تضج في رأسه كعاصفة من الأسئلة والذكريات ..
والمواقف المعلقة بين القلب والعقل.
يثرثر مع الورق كما يثرثر العاشق مع حبيبته البعيدة...
يحدثه عن الأوجاع الصغيرة وعن الأحلام المؤجلة...
وعن التفاصيل التي لا يجرؤ على قولها بصوتٍ عالٍ.
الكاتب حين يثرثر لا يبحث عن جمهور..
بل عن خلاص...
يسكب ما في داخله ليتنفس..
ليحيا ليعيد ترتيب الفوضى في روحه...
كلماته ليست مواعظ ولا خطباً..
بل ومضات من قلبٍ تعب من الصمت..
أراد أن يقول شيئاً للعالم قبل أن يفوته قطار الحياة.
ثرثرة الكاتب ليست عبثاً كما يظن البعض...
بل هي اعتراف جميل بأننا بشر نحتاج إلى البوح كي لا نختنق.
كل جملة يكتبها هي جزء من ذاكرته...
من خوفه من حنينه...
لزمنٍ لم يعد موجوداً.
لذلك حين تقرأ له لا تبحث عن المنطق بقدر ما ابحث عن الأثر..
عن الارتجافة الخفية التي تتركها الكلمات في داخلك.
فالكاتب حين يثرثر لا يقصد أن يحدثك فحسب.. بل يريد أن يسمع صدى ذاته فيك...
يريد أن يشعر أن هناك من يفهم ارتباكه...
من يشاركه وجع الفكرة وفرح الحرف...
إنها ثرثرة لكنها أعمق من كل خطبة..
وأصدق من كل بيان...
تخرج من قلب انسان كافح مع نفسه وروحه ليصل الى ابعد مكان..
كي يثرثر في كل مكان وزمان بين شواطئ لايملكها انسان...
---
هل ترغب أن أجعل المقال بأسلوب أدبي فلسفي أكثر أم بصيغة تقرير صحفي أدبي تصلح للنشر في صحيفة أو مجلة؟