اصبع على الجرح ..
بقلم : منهل عبد الأمير المرشدي ....
رغم ما قيل وما أشيع وما سمعنا من وعيد وتهديد جرت الانتخابات البرلمانية في العراق بأمن وسلام وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. انقضت الانتخابات النيابية وتحدثت الأرقام بلسان لا يعرف المجاملة ولا المداراة فالأغلبية واضحة والاختيار الشعبي صريح والديمقراطية بكل علاتها تقول ما يبنغي أن يكون عليه الحال كما هو في كل الممارسات الديموقراطية في العالم بما فيها جميع الدول المتقدمة بأن يكون الحكمُ لمن نال التفويض ، والمسؤولية لمن حاز التأييد فمن تصدر قوائم الاصوات عليه أن يتصدر الصفوف ومن نال الثقة عليه أن يتحمل العبء والأمانة لا أن تُكبل الإرادة بقيود التوافق ولا أن تُخرس الأغلبية باسم المحاصصة والترضية ودهاليز الشراكة . لنتحدث بشفافية وصراحة فما كان أساس التحشيد في الدعاية لأغلب المرشحين خصوصا من ساسة اهل السنة في المناطق الغربية خلال الانتخابات هو الرداء الطائفي الذي فرضته ديموقراطية العم سام وقد هدد قادة المكون السني كالحلبوسي والخنجر وغيرهم بإعادة الأمور إلى مسارها إن فازوا بالمركز الاول وتكون لهم الرئاسات من دون جدال . لقد خاب ظن البائسين والعملاء والمأجورين بما أفرزته النتائج وآن للعراق أن يتحرر من لعبة المقاعد الموزونة بالمذاهب والمناصب وأن يستعيد الدستور مكانته فوق الغرف المظلمة والسيادة فوق التحاصص والوطن فوق الجميع . إذا كانت الأرقام تقول إن الأغلبية للكتلة الأكبر وهي شيعية بالمطلق فليكن الحكم للاطار الشيعي ولتكن المساءلة عليهم والنتائج أمام الشعب وحده تُعرض وتُحاسب من خلال جبهة المعارضة المكونة من الاحزاب السنية والكردية . نعم هكذا هو الحق وهذه هي الحقيقة المغيبة والمرفوضة ممن تربوا ونشأوا في حضيض الدكتاتورية المقيتة .. ليس حلما بعيد المنال رغم إننا نشك في قدرة الاطار التنسيقي على اتخاذ هكذا قرار إنما هو مصداق الديموقراطية في كل العالم فمن لم يحالفه الحظ فليس مغيّبًا ولا مُستبعدا ولا مهمشا ولا مقصيا بل له في البرلمان موقع العز والمهابة . من حقه أن يُشكّل جبهة معارضة قوية تُراقب وتصحح ، تنبه وتقوّم ، لأن الديمقراطية لا تكتمل إلا بميزانها المزدوج , .حكمٌ للأغلبية ورقابة من المعارضة . إن المحاصصة والتوافق لم يكونا نصاً في الدستور بل كانتا استراحة خادعة أضاعت طريق الدولة وبددت معنى المواطنة . ليكن صوت الشعب هو الحَكم وصندوق الاقتراع هو المرجع ، ولتكن التجربة درساً في النضج لا حلقة أخرى في مسلسل التشظي والانقسام . نحن اليوم بحاجة إلى ديمقراطيةٍ تُبنى بالعزم لا بالتٱمر وبالاختيار لا بالاضطرار وبالمسؤولية لا بالمسامحة وما اعتدنا عليه تحت طائلة ( طمطم لي واطمطم لك ) . هي فرصة لأن نقول هذا يحكم بضمير وذاك يُعارض بشرف — فبذلك وحده تحيا الديمقراطية ويسود القانون وتسمو الدولة . في ختام المشهد نرفع التهنئة للفائزين الذين نالوا ثقة الشعب وندعوهم إلى أن يكونوا على قدر الأمانة والمسؤولية كما نُقدم الشكر والعرفان للمرجعية الدينية العليا التي كان لحضور معتمدها سماحة الشيخ مهدي الكربلائي إلى صناديق الاقتراع حافزًا وتشجيعًا لملايين المواطنين الذين لبّوا نداء الوطن بالمشاركة والتصويت . إنها خطوة مباركة في طريق بناء العراق الديمقراطي وفرصة لن تتكرر في محاربة الفساد والمحاصصة ويقترب من العدل والشفافية ليبقى الوطن عزيزا بشعبه شامخًا بدستوره متجددا بإرادته الحرة والسلام ...
