JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
BASRAH WEATHER
Home

رسالة لمن يهمه الأمر ..


 إصبع على الجرح .. 

بقلم : منهل عبد الأمير المرشدي ..

حين يعلو صخب الجموع ويخفت صوت البصيرة

في زمن تتسارع فيه الخطى وتزدحم فيه المنابر وتتنافس الأصوات الوطنية والثورية والقومية والدينية والعلمانية والمدنية في ساحات الواقع واالسوشل ميديا ومجمل الفضاء الرقمي ؛ يلتبس على كثير من الناس معنى الحقيقة فيظنون ويتوهمون اعتقادا بل وقناعة أن العدد معيار للحقيقة والكثرة برهان للحق وأن صوت الجماعة دليل على الرأي الصحيح وأن ما تميل إليه الجموع هو الحق الذي لا يماريه أحد . هي أخطر مغالطات الدنيا منذ الأزل ولأن الحق ثابت لا تهزه كثرة ولا يضعفه قلة فقد جاء القرآن الكريم ليكشف هذه الحقيقة في آيات كثيرة تحمل معاني التحذير وتنطق بلغة التبصير بإن الكثرة ليست دليلاً على الحق بل قد تكون برهانا على الباطل والضلال . والحق لا يقاس بالحشود والجموع وكثرة القطعان التي تسير وفق قاعدة القطيع لا تدل على أن القوم ركنوا إلى الحق . النفس البشرية بطبيعتها إن شاهدت الجموع تهتف هتفت وهذا ما نراه اليوم حتى في الكثير من المواقف الفكرية والاتجاهات الأخلاقية الثقافية بل وحتى في الآراء المجتمعية . لكنّ القرآن الكريم يوقظ الوعي من سباته ويقول جل وعلا بصراحةٍ لا تحتمل التأويل

( وأكثرهم الفاسقون ) فكثرة العدد ليس مبررا للنزاهة او عذرا للسلوك وليس حجة لأحد لأن وفرتهم لا تجعل الفسق فضيلة والفساد مغنمة .. قال تعالى ( وأكثرهم لا يعقلون ) . فالعقل ضيف غريب وثقيل وإن ازدحمت المجالس بالحاضرين. فليس كل ما يشيع حقا ولا كل ما يتبعه الناس هدى ( وأكثرهم للحق كارهون ) وهو القائل عز وجل ( وأكثرهم كاذبون )

فشتان ما بين الكذب والصدق ولو رددته آلاف الألسن .. فالأمية الفكرية والجهل المعرفي قد يلبسان ثوب الجماهيرية كما جاء بكتاب الله ( بل أكثرهم لا يؤمنون ؛ لا يعلمون ؛ يجهلون ) .. ما يؤلم القلب أن ذلك يمتد حتى إلى الثوابت الأخلاقية والصفات النبيلة للإنسان كالشكر والعرفان ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) فالإيمان الحق يحتاج صفاء نادرا ما يجتمع عليه الناس في الصدق والثبات والوعي والبصيرة

فالٱيات الكريمة تشكل خارطة فهمٍ قرآنية تخبرنا أن الكثرة ليست مرآة للحق بل قد تكون حاجزا عنه نقيضا له . المتأمل في التاريخ يدرك أن الحق لم يكن يوما صاحب قوة كبيرة

فالأنبياء وهم صفوة البشر بدأوا أفرادا وواجهوا أمما وغلبوا بالحق لا بالكثرة وبعضهم لم يتبعه إلا نفر قليل والإمام الحسين عليه السلام واجه الافا من جيش الباطل الأموي بسبعين مقاتلا من ال بيته واصحابه وانتصر الدم على السيف خالدا إلى يوم يبعثون . أخيرا ليس اخرا وفي ايامنا هذي يتكرر المشهد ذاته فحشود نراها بالملايين تصفق للجهل. والباطل والنفاق والعدد الأكبر من الفائزين في الإنتخابات لا يمتون للحق والصدق بصلة وهكذا هو حال الاغلب من ساسة العراق . بقي أن نقول إنه قد يرتفع شأن الباطل لأن صوته صاخب ويخفت صوت الحقٍ لأنه هادئ خافت وهي رسالة للجميع .. اللهم اشهد اني بلغت .

NameEmailMessage