JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
BASRAH WEATHER
Accueil

حين يتحدث الامن .. تصمت الشائعات ..


 =============

بقلم الفريق الدكتور 

سعد معن الموسوي 

رئيس خلية الإعلام الأمني 

قيادة العمليات المشترك

……………………….

في زمن تتعدد فيه مصادر المعلومة وتتباين فيه التحليلات، لم يعد بإمكان رجل الشرطة أن يظلّ مجرد منفذ للقانون فحسب. فقد أصبح فن مخاطبة الجمهور جزءًا أصيلًا من عمله اليومي، بل ركيزة أساسية في نجاح مهامه وقدرته على بناء علاقة متينة مع المجتمع. فالكلمة الصادقة الواضحة كثيرًا ما تكون أكثر تأثيرًا من أي إجراء، وأكثر قدرة على تهدئة المواقف وشرح الحقائق وتصحيح الانطباعات المغلوطة.

إن رجل الشرطة حين يقف أمام الجمهور لا يخاطبهم بصفته ممثلًا للقانون فقط، بل بصفته أيضًا مصدرًا للمعلومة الموثوقة، يشرح، ويوضح، ويُفسّر، ويضع كل إجراء في سياقه الصحيح. فالجمهور بحاجة إلى أن يعرف لماذا اتُّخذ قرار معين، وما الفائدة منه، وكيف يساهم هذا الإجراء في تعزيز الأمن وحماية الحقوق. كما أن مسؤولية ضابط الشرطة تمتد إلى مناقشة المسائل المرتبطة بتنفيذ القوانين، والمقارنة بين الآراء المختلفة، وطرح رؤية متوازنة تضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

ولا يمكن لهذه المهمة أن تنجح ما لم يكن الضابط قادرًا على الإقناع، وعلى استخدام لغة تجمع بين الوضوح والاحترام، وبين الحزم والطمأنينة. وهنا تتجلى حقيقة مهمة يغفل عنها الكثيرون … 

موهبة الخطابة كامنة داخل كل ضابط شرطة. فالانضباط، والثقة بالنفس، وسرعة البديهة، والقدرة على اتخاذ القرار هي عناصر تشكل قاعدة طبيعية لأي خطيب ناجح. لكنها تحتاج إلى تنمية وصقل وتدريب، حتى تتحول من قدرات كامنة إلى أداء متقن يستفيد منه الضابط في الميدان وفي المنابر وفي كل تواصل مع المواطن.

إن الاستثمار في مهارات التواصل ليس ترفًا، بل ضرورة أمنية. فكلما كان رجل الشرطة قادرًا على إيصال رسالته بوضوح، وعلى تفسير قراراته بشفافية، وعلى بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل، كلما زادت ثقة المجتمع بجهاز الشرطة وتعزّز مستوى التعاون بين الطرفين. ولا شك أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا عندما يشعر المواطن أن رجل الشرطة شريك له، وأنه يمتلك الصوت الذي يطمئنه ويهديه إلى الحقيقة.

لقد أصبحنا اليوم بحاجة إلى خطاب أمني متوازن، يعتمد على العلم والخبرة، ويتيح للجمهور فهم ما يجري دون تهويل أو تقليل، ويضع الأمور في إطارها الصحيح. خطاب يواجه الشائعات بالمعلومة، والانفعال بالحكمة، والقلق بالتوضيح، ويجعل رجل الشرطة ليس حارسًا للنظام فحسب، بل جسرًا للتواصل وفهم الواقع وحماية المجتمع من الانزلاق نحو الفوضى أو سوء الفهم.

إن صوت الأمن، حين يكون واضحًا وهادئًا وواعيًا، يسبق القرار ويحمي القانون، ويمنح الجميع شعورًا بأن الحقيقة تُقال، وأن الأمن مسؤولية مشتركة نبنيها بالكلمة كما نبنيها بالإجراء.

NomE-mailMessage